الكاتب والأديب بكر أبوبكر
طفلة فلسطينية…
أخالها في السادسة من عمرها…
خرجت من بين الأنقاض…
بوجهٍ صارم متقد نارا تبحث وتبحث؟!
ماذا بقي لها بعد موت كل عائلتها لتبحث عنه؟
فخاطبتها أقول:
تجمّدت الدمعاتُ في عينيكِ
الجميلتين العذبتين القاسيتين
حتى أصبحت كالزجاج المصهور.
وتهدّل منك الكتفان
وخارت منك القوة
وارتبكت قدماكِ
وشرَدَ منك الربيع
فارتبكتِ
وما انتحبتِ
ولا صرختِ
كنت أود أن أراكِ تبكين
فتفرّجين عني وعنكِ
أأنتِ هكذا، أم تُراكِ تحلّقين!
أهذه دمعة خجولة!
أم حبات من اللؤلؤ المسكوب
أم تُراكِ تسكبين الشمس من مقلتيكِ!
فتصلّبت قسمات وجهكِ
حتى قُدّت من حجر!؟
ذابت فيك البسمات
وانتحرت الضحكات،
فانتصر الظلام
واستقر العبوس
لا أخالك عُدتِ تعرفين للطفولة معنى!
أو طعم
أهو هكذا!
أم تراني فيك أتوه!
هل تبحثين عن ملمس ذكريات
ورقة ، وربما دُمية، أوخاتم أبيك
لعلكِ تبحثين عن حضن أمك
أو عن ابتساماتٍ دُفنت معها
أم تُراكِ نسيتِ كيس الأحلام تحت مخدتك
بين أنقاض بيتك المنسوف
في حي الشجاعية؟
أو في خزاعة
ولربما نسيته مع كيس الحلوى
في بيت خالتك في حوسان
أو في منزل جدك في قُصرة.
كان يُحدّثك عن جهاده مع القسام و عرفات
وأشار لكِ بأصبعه نحو الشمال
هناك هجموا علينا وهناك استشهد أعمامك
وأشار نحو الغرب
هناك تكدس الاطفال أمثالك فارتكب “شارون” مجزرته
وهناك قُتِلَت جدتك
بوحشية النازي وعنصرية الكُهّان
هل سمعتِ يا جدّي!؟
كنت تتلهين وتضحكين
وتنفخين في النفّيخة، وتلعبين
وجاءك اليوم “العبوس القمطرير”
حيث تنسين معنى الفرحة
وتتمنين وجه جدك
والحكايا و”رأس العبد”
تجمدت الدمعات في مقلتيك
فاحترقت منك الذكريات والخدّين
وكفّ جناحاك عن التحليق
وأوقفتِ إطعام الدجاجات والحَمَام
التي قضت شهيدة مع الأحبة
عن ماذا تبحثين؟!
قولي لي، أرجوكِ
عن كتاب العلوم أم العربي؟!
أم عن لمسات أمك، وكثير من النظرات
هل تشمين رائحة أخيك الصغير
أم ترنّ في أذنيك صوت ضحكاته
فلعلّك معه تلعبين…الآن!
عينيكِ أغلقت القنوات
فما أظننا عدنا نبصرُ
أو نسمع
أو نستنير
يا سيدتي أنتِ الغُصن
وكعك فلسطين
وأنت الجذور
أتراكِ ملاك هذا العصر
أم حبوب القمح لنا؟!
لعلك أكثر من ذلك
فهل تعلميننا كيف نكون؟
*كتبتُ هذه المادة المنثورة عام 2014، وأخالها تحدثني عام 2023-2025م في فضيحة العصر ومذبحة العصر في الإبادة الجماعية في غزة والضفة في فلسطين، من قبل جيش “نتنياهو” وعقله الفاشي وبالاحتفاء الامبريالي الامريكي -بكر أبوبكر
