ابوبكر: يجب تجريم التحريض ضد الأجهزة الأمنية بالقانون، وتنقية التراث من الفكرالذي يرفض الآخر ويكفره
وكالة وطن – الأخبار »-٢٠/٨/٢٠١٦
نزفت الدماء حين تقوقع العقل.. كيف شكل الخطاب التخويني حاضنة للعنف في فلسطين؟
نزفت الدماء حين تقوقع العقل.. كيف شكل الخطاب التخويني حاضنة للعنف في فلسطين؟
نابلس- وطن للأنباء: كايد معاري: تصاعد وتيرة الاحداث الامنية في مدينة نابلس خلال الشهرين الماضيين التي راح ضحيتها 5 من أبناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية، اربعة منهم سقطوا أثناء تأدية واجبات امنية وعسكرية فيما توفي الخامس نتيجة خلاف عشائري، يعيد إلى الأذهان حالة الفوضى التي رافقت أحداث الإنقسام في قطاع غزة، والمناوشات مابين الأجهزة الامنية الفلسطينية من جهة، وحركة حماس من جهة اخرى.
وينظر مراقبون إلى ما جرى بنابلس كونه إفراز لعدة عوامل موضوعية أثرت في توجه المجتمع الفلسطيني بشكل عام نحو العنف كأسلوب حياة، مؤكدين أن هذه الممارسات ليست وليدة الصدفة انما لها عدة مقدمات أخطرها الفكرية، والخطاب التخويني الذي تصاعدة بوتيرة متسارعة ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية.
تدمير الشرعية الفلسطينية
يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش أن السلوك التخويني بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، كان يبنى على تقديرات سياسية، ويستخدم في سبيل تقوية الشرعية الفلسطينية لا هدمها كما في حالة حركة حماس، ومثال ذلك الجبهة الشعبية ، اذ تعد الجبهة شريك اساسي في المشروع منذ التاسيس الى اليوم ولكنها لم تكن دائما توافق على البرنامج السياسي لمنظمة التحرير
ويرى هواش ان حماس لم تمارس الخلاف مع نقيضها السياسي في الحركة الوطنية الفلسطينية بهدوء، بل أرادت ان تسابق الزمن، وسعت لهدم شرعية منظمة التحرير من خلال إتهامها بالفسادة، والتجريم، والتخوين.
ويعتقد هواش أن ظروف رفض حماس للانتخابات عام 1996 لم تختلف عنها في عام 2006، وهي معركة سياسية معقدة تعد استراتيجية هدم الشرعية الفلسطينية سمة اساسية لها، حشدت لها حماس كل أدوات التشهير.
ويعتبر هواش أن الخطاب التخويني الذي تبنته حركة حماس، أدى إلى انتشاره وتسلله في وعي أفراد، وجماعات، وجهات سياسية تبنت العنف كنهج.
ويرى الكاتب محمد هواش أن هذا السلوك لا يمكن ان يتغير دون اجراء مراجعات فكرية على غرار جماعات اسلامية في مصر وتونس عندما تبنت نبذ العنف واستخدامه في الخلافات الداخلية بالمجتمع.
التخوين أداة هجوم ودفاع
يرى المفكر الفلسطيني د. بكر أبو بكر أن حركات الإسلام السياسي بشكل عام تنتهج الخطاب التخويني والتكفيري كوسيلة دفاعية وهجومية في آن واحد، كونها تدافع عن تراجعها بالهجوم على الآخرين، مبينا أن سعي هذه التظيمات الدائم لربط نفسها بصورة الضحية لمؤامرة عالمية ضد الإسلام، يعني أنه يجب عليه تشويه وإتهام الخصم والتحريض عليه.
ويرى ابو بكر أن الربط ما بين الوطني والديني لدى حركات الإسلام السياسي ضمن مركب القداسة المطلقة لهذه التنظيمات والدناسة للمخالفين.
ويرجع د. أبو بكر تزايد الخطاب الكفيري في فلسطين منذ عام 2005 متزامنا مع دخول حركة حماس للإنتخابات البلدية والتشريعية، ووصل ذروته عام 2007 مع احداث الإنقلاب في قطاع غزة.
ويعتبر أبو بكر ان حياة الكثيرين ذهبت جراء مقالات التكفير المنسوبة لبعض الشيوخ ضد الأجهزة الأمنية، التي لم تتراجع حتى في مرحلة سيطرة حماس على قطاع غزة، بل تنامت خلال الحروب الصهيونية الثلاثة على القطاع، و ترافقت ايضا مع احتكار حماس ” للمقاومة” ووسم السلطة الوطنية بالخيانة والدعوة لمواجهتها.
ويعتقد د. بكر أبو بكر أن وقف التحريض المستمر ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية، يجب ان يصبح سياسة وطنية عامة يعاقف مرتكبها وفق القانون.
ولا يغفل ابو بكر أهمية التعليم والثقافة والتربية في المدارس وضرورة تعزيز ثقافة احترام الآخر، وتعزيز قيم التسامح، واحترام الرأي المخالف، التي تشكل البداية الصحيحية في تغيير المجتمع والفصائل، وتوجيه قدراته نحو العمل والعطاء. مستدركا قوله: ” هذا يعني بالضرورة أيضا الإستمرار في نقد السلوكيات التلسطية والديكتاتورية، وإنعدام العدالة والظلم من أي طرف كان”.
ويبين أبو بكر ان الخطاب التنويري يعيش في ازمة لها عوامل عديدة اهملها يتعلق بارتباط العقلية الماضوية، التي تنسجم وفكر الاخوان والسلفيين، اضافة إلى ارتباط الخطاب التنويري بأنه مناهض للإسلام، وارتباطه ايضا في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واستبداد الحكام، وسقوط افكار كبرى كالشيعوعية والقومية.
أفق مسدود
ترى رئيس قسم علم الإجتماع في جامعة النجاح الوطنية د. سماح صالح أن توجه المجتمع الفلسطيني نحو العنف يعود لعدة عوامل موضوعية تتعلق بالإحباط وغياب الأمل في المستقبل، وقلة فرص العمل، وتوافر حياة انسانية كريمة.
وتضيف صالح: ” انسداد الأفق السياسي، وغياب الرؤية، وتدني الفرص، يجعل بعض المجموعات تتشكل لكي تقوى معا، وتكون لديها قدرة على انتهاز واستغلال فرص ما بطرق غير مشروعه وبالتالي استخدام العنف هو المخرج لتحقيق انجازات ومكاسب وكذلك فرص السيطره بالقوه. ومن منظور اجتماعي هؤلاء ضحايا للواقع، ويستخدمون العنف لإظهار القوة والسيطرة او تحقيق مكاسب مادية”.
View on Path