خطة نتنياهو وآيزنكوت والقتل الأنيق!
من الواضح أن الخطط التي يقوم بوضعها الإسرائيليون أو الأمريكان لمستقبل فلسطين أو ما بعد العدوان على غزة تختلف قليلًا بالتفاصيل وتتفق بالجوهر.
والجوهر الواضح أن قرار إبادة شعبنا الفلسطيني وتعميق احتلال أرضه خاصة في غزة وتدمير كل معالم الحياة بالأرض المحتلة لا غبار عليه عند الأمريكان، ولكن بشرط أن يأتي بشكل أنيق!
أي بدون أن يلاحظ العالم، فالأمريكان يخافون على مشاعر شعبهم الممسك بورقة الانتخابات ويخافون على إرثهم الثقافي المزعوم بملف (حقوق الانسان والديمقراطية) ويخافون من ابتعاد العرب عن المسار الأمريكي الإجباري فيما هو فرض السيطرة والهيمنة على الأمة تحت مسمّى التتبيع والانخراط في صفقة ترامب-ابراهام.
أما الخطط والسيناريوهات الإسرائيلية وبغض النظر عن واضعها سواء “نتنياهو” أو “إيزنكوت” مؤخرًا، تنطلق من حقيقة رفض الدولة الفلسطينية بالمطلق. ومن رفض تحقيق أي ربط بين الضفة وغزة لأنها مقدمة للدولة، وبالتالي يتم العمل وفق أي معادلة لتحقيق عدم استلام السلطة الوطنية، ودوام الانشقاق والانفصال كما كان سائدًا قبل العدوان. بالطبع تحت شعار نتنياهو الأثير “لا حماسستان ولا فتحستان، ولا سلطة ولا دولة فلسطينية”.
يطرح “أيزنكوت” عضو مجلس الحرب الصهيوني خطته لتدمير فلسطين، وبالتحديد غزة التي منها التقسيم لمراحل ثلاثة آنية ومتوسطة وبعيدة وأبرز نقاطها للمدى القريب الآني السعي إلى تفكيك فصيل “حماس”، وإنشاء تحالف أميركي – إسرائيلي – عربي (المقصد مع دول التتبيع). وعلاج قضايا المدنيين في قطاع غزة من قبل عنصر فلسطيني محلي بمراقبة دولية وإقليمية بالتنسيق مع “إسرائيل”، كما تشيرالخطة.
أما للمدى المتوسط: فتحافظ “إسرائيل” على حرية النشاط العملياتي (يعني الاقتحامات وحرية القتل والأسر والتدمير كما بالضفة) في قطاع غزة ، والحفاظ على حزام أمني حول القطاع، والسيطرة الامنية على الضفة أي من البحر الى النهر، إضافة الى نزع سلاح تام في قطاع غزة.
ومن شروط المرحلة عنده (ولاحقًا للسلطة) عملية “الإصلاح” في شبكة التعليم في قطاع غزة والضفة (بمعنى تغيير المنهج التاريخي والوطني، وربما تغيير بعض آيات القرآن الكريم أوطمسها، والتعليم على حب “إسرائيل” والهتاف لديمقراطيتها النموذجية!)، والعمل على إغلاق وكالة «أونروا»، أما المساعدات لغزة فتكون محدودة حتى يتم إطلاق سراح المخطوفين.
وللمدى البعيد وبمنطق التأجيل والتسويف الصهيوني المعهود الذي يعني قطعًا رفض الدولة الفلسطينية وحق تقرير المصير للفلسطينيين، بل وعدم الاعتراف بهم كشعب فما بالك بأرضهم!؟ يطرح أنه كل تسوية بين “إسرائيل” والفلسطينيين تكون عبر المفاوضات المباشرة، ويقول نصًا: “لا يعطى أي التزام إسرائيلي في السنوات الخمس القادمة لإقامة دولة فلسطينية، إذ إن أمراً كهذا سيُفهم على أنه هدية لـ«حماس».”
وبالمقارنة لخطة أيزنكوت مع خطة نتنياهو نجد شبه تطابق في كل الأمور حيث تشير خطة “نتنياهو” للنقاط التالية، المتشابهة مع طرح “آيزنكوت”
1-استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها وإبادة القدرات العسكرية والبنية التحتية لسلطة “حماس”.
2-“إسرائيل” ستحتفظ بحرية عملياتها الحربية (المقصود عدوانها ذو ملامح التطهير العرقي والإبادة) في جميع أنحاء قطاع غزة،”من دون تحديد مدة”.
3-إقامة حزام أمني داخل تخوم قطاع غزة
4-إقامة “مانع جنوبي” بالشراكة مع مصر بقدر الأمكان، وبمساعدة الولايات المتحدة
5-سيطرة إسرائيلية أمنية على كل المنطقة الممتدة من البحر (المتوسط) إلى النهر (الأردن)، حيث واضح أن المقصود الضفة الغربية أساسًا.
6-إدارة غزة بعناصر محلية ذات تجربة إدارية، وغير منتمية إلى دول أو تنظيمات مساندة للإرهاب حسب النص.
7-يطرح نتنياهو-كما أكد شريكه بمجلس الحرب آيزنكوت الى ما سبق- ضرورة إلغاء الرواية الفلسطينية والتاريخ والثقافة الوطنية والحلم والمستقبل بسلة واحدة، وتدجينهم من الابتدائي أي على الصعيد الفكري والتعليمي بالمدارس والمساجد والمؤسسات وفق ما يسميه لمنع التطرف، “بمساعدة قدر الإمكان تقدمها دول عربية ذات تجربة في دفع خطط كهذه في بلادها”.
8- تصفية قضية اللاجئين عبر العمل على حل وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)
9-أما عن الدولة الفلسطينية فعليها السلام، فهو لطاما كرّر وتفاخر بمنع قيامها وها هو و”آيزنكوت” يؤكدان ذلك بلا ملل، وبإصرار وبنص نتنياهو الغريب “رفض الإملاءات الدولية في قضية التسوية النهائية مع الفلسطينيين، والتأكيد أن مثل هذا الأمر يحدد فقط في المفاوضات المباشرة وبلا شروط مسبقة”.
من الواضح أن خطة غادي آيزنكوت في (مارس 2024م) أخذت كل عناصر خطة نتنياهو (فبراير2024م) أو نسقت معه، فيما أسموه اليوم التالي، وتم التوسع فيها، ومن المثير أن كليهما يأملان خيرًا من التحالف مع الدول العربية الخمس المطبعة! وعينهم على السعودية، ويجددون رغبتهم بالقتل واستمرار الإبادة عبر حرية العدوان العسكري! وتحديد المساعدات واشتراطاتها بإعادة المخطوفين، بل ومما أضافه “آيزنكوت” أن يكون الترميم (وليس الإعمار حسب النص لخطة آيزنكوت) للقطاع يتم برقابة إسرائيلية، وتوسع بقضية الدولة الفلسطينية فألقاها بالبحر في مساحة المماطلة والتسويف لخمس سنوات مطاطة بالقطع، وهو ذات ما حصل منذ التنصل الإسرائيلي من اتفاق أوسلو عام 1999 حتى الآن، ومع التأكيد ألا تتحول الضفة الى الدولة الواحدة كما أشار “أيزنكوت”.
صرح الرئيس الامريكي في تجمع انتخابي بتاريخ 29/3/2024 قائلًا: “يجب أن تكون هناك خطة لما بعد حرب غزة” بجانب السعي نحو حل الدولتين، مؤكدا أن “هذا لا يجب أن يحدث اليوم.. يجب أن يكون هناك تقدم وأعتقد أن لدينا القدرة على القيام بذلك”!؟
وها قد زوده الإسرائيليون بالخطة المقيتة! أما الدولة الفلسطينية -ضمن مسمى حل الدولتين- فكما أشار وكرّر ما سبق “ليس الآن”! حيث اللجوء المعتاد للتسويف والتأجيل والكذب على فلسطين وعلى الدول العربية.
إن التصريحات الأمريكية لاتختلف مع الخطط والتصريحات الإسرائيلية بالجوهر كما أسلفنا وإنما ببعض التفاصيل التي تعنى بالشكل –لاسيما وأنها تطالب الآن المشاركة بالعمليات العسكرية في رفح الى جانب الدعم الاستراتيجي العسكري بالأسلحة وغيرها مما هو قائم- فمتى كان العدوان الدموي العسكري والإبادة الجماعية قليلة أو بعيدة عن أعين الناس فهي مقبولة، وما خرافات الخلاف بين أمريكا والدولة الإسرائيلية الا خلافات بين المحبين سرعان ما يتم حلها لا سيما أن الدعم العسكري االلامحدود وهو الأهم للعدوان على غزة والضفة لا يتوقف، ولم تطلب أمريكا إيقاف العدوان.