فكر

من هو عدوّ الإسرائيلي الباطش؟

 

 

العدوان الصهيوني المباشر على فلسطين اليوم (2024م) والمتواصل عبر عشرات السنين-لمن شاء أن يفهم أولا يفهم فهذا شأنه- هو موجّه بكامل الوضوح وبرسائله المباشرة وغير المباشرة الى نحر الأمة العربية أولًا، ومن ورائها الإسلامية عبر ذبحها وانتزاع قلبها النابض أي فلسطين ودوسه تحت أقدام الفيلة والحمير والذئاب.

وإن كنت ممّن لم يفهم بعد أن الجبروت والطغيان و(حملة التأديب) والتوحش والغزو الصهيوني-الأمريكي يستهدفك أنت كفرد وعقلك وروحك، وشعب وشعوب ومجمل الأمة العربية ومن ورائها الاسلامية، ثم العالم الحر فهذا شأنك، وشأنكم، ولك أن تظل نائمًا بالعسل.

لكن ليكن بمعلومك أن فلسطين هي مجال وأمثولة الدمار والإبادة المركّزوالنموذج! والأمة هي مجال الرسالة الأوسع حيث العمل على تدمير كل عوامل تآزرها وقيمها السامية وتجمعها، وحيث وجوب استنزاف موارد الأمة (ومنها البشرية بتجهيلها واستنزافها باللهو والتفاهات، وكل قيم الانحطاط التي يتم تزيينها وقوننتها)، وإدامة تفتتها (كما هو حاصل وسيحصل جغرافيا ووطنيا وفكريا وباستهداف كل معاني التقارب والوحدوية وبما يضر بالدين العظيم ويشوهه يوميًا، وبتحقير اللغة العربية الجبارة، وكل المشتركات)، وانحشارها تحت مظلة أهداف الاستخراب (الاستعمار) الامريكي-الصهيوني الذي لم يكفّ منذ زرع الكيان على عزل الأمة عن كل مكونات النهوض.

إن المتفكر والمتأمل من عقلاء الأمة يعلم أن فكرة التعظيم والصدمة والرعب الأمريكية، ثم الصهيونية أوالمشتركة اليوم-ضد فلسطين ولبنان بشكل مباشر، والتي تلت فكرة الإبهار والانبهار وتحصيل الإعجاب (المَرَضِي) بالغربي، وحصرية عقله وانجازاته ومخترعاته! قد ولّدت عبر الزمن  حالة الخنوع والاستتباع الطوعي، والتسليم، ثم الانخراط ضمن مساحة نظر الصهيوني بالمنطقة.

لقد طغى في وعي أمة العرب والمسلمين أننا لسنا بمقدار قوة ونهضوية (وعظمة) الغرب أوأمريكا أو هي وإسرائيلها! فهم الأعظم والأقوى بكل المجالات! ونحن مجرد مستهلكين مستقبلين فقط! وليس كذلك فقط بل مستهلكين (نهِمِين) لا نكتفي قط، أو كما قال أحد الخانعين العرب “هم يصنعون، ونحن نشترى ما يصنعون بفلوسنا!؟” في فكر عدمي غبي لا مثيل له.

تخوض أمريكا وإسرائيلها اليوم حربًا نفسية (وعسكرية إبادية) عظمى تتلخص فكرتها بتصوير المحتل الصهيوني (بالدعم الامريكي المطلق، والغربي الآخر)

وكأنه غير قابل للكسر أولًا

وأنه مفروض عليكم استيعابه ككيان “شرق أوسطي”

وثالثا ليس فقط إستيعابه وهضمه، وإنما قبوله (جبرًا او طواعية) ووضعه تاجًا على الرأس لأنه هو المهيمن عليكم

ورابعًا فإنه كما استسلمتم للعدوان الغربي الاستهلاكي-الاستخرابي-الاستعماري فمن باب أولى أن تطوّعوا أنفسكم لقبول الابن المدلل لهذا الاستخراب الغربي-الأمريكي أي لليد الباطشة الصهيونية المهيمنة بالمنطقة، وألا ينتظركم كما يحصل اليوم في فلسطين ولبنان، أو قبلذاك ما حصل مع العراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال…الخ.

يتعاون مع اليد الباطشة الصهيونية المباشرة عدد من الحكومات أو الحكام الرعاديد (جمع رعديد أي جبان) وعدد من وسائط الاعلام الكبيرة الكاذبة والمضللة، تلك الواضحة شديدة الوضوح ومنذ اللحظة الأولى التي أفردت فيها للوجوه الصهيونية المغبرّة المعنية أن تظهر على الشاشات العربية وبرعاية رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق “شمعون بيرز” الذئب الذي بارك ذلك علنًا، وبافتتاحه لأحدي الفضائيات المدلسّة.

ثم لاحقًا ما حصل من تساوق عدد من الفضائيات سواء بقصد أو بلا قصد مع هذا المعطى أي استقبال والاحتفاء بالمتوحشين من القادة الإسرائيليين الفاشيين على شاشات الفضائيات العربية.

تتقاتل جماهير العرب بالشرق والغرب ما بين مشاهدة (وأسْر عقلها طواعية دون تفكر) هذه الفضائية واضحة الولاء للاستخرابي والتنظير لها أو معاداتها، أو مشاهدة تلك الذكية الخبيثة المتحايلة التي هي أيضًا موالية للاستخرابي الامريكي-الصهيوني، لاسيما أن القواعد العسكرية الأمريكية مترامية الأطراف تدوس أراضي هذه الفضائية وتلك معًا، والفضائيتان او الفضائيات هذه كلها تصب في طاحونة الامريكي-الصهيوني مهما بدت لك مختلفة!

ناهيك عن الطوفان الإعلامي- الدعائي-النفسي-العقلي وعبر الكلمة والصورة والمرئيات القبيحة الهابطة، والمثبطة للعزائم والمتّجهة نحو تجميل الرذائل وتحقير الفضائل بالملايين (أنظر ما يتم تداولة في تُكتُك ومرئيات فيسبوك وانستغرام وغيره من مواقع مرعبة) التي تطرق سمعك وبصرك لتنفصل جسديًا وعقليًا ونفسيًا عن مجمل أمتك وعقائدك، وعن قيمك الحضارية العربية-الاسلامية بالاسهامات المسيحية المشرقية الثمينة، ولتكون عدوًا لأبناء حضارتك الواحدة ولغتك العظيمة الجامعة، ما بين العرب والامازيغ والكورد العظام، وهكذا تفقد كل عوامل الجمال والعطاء والحزم والالتقاء والتنوع الرائع، كي لا تكون منتميًا حتى لنفسك! لأنك عدت لا تعرف ذاتك!؟

ومن هنا جاءت الحرب النفسية الصهيو-أمريكية لهدف تدمير الثقة بالأمة العربية وأعلامها الكبار وقدرتها على التجدد والنهوض، وبالقضية العربية الفلسطينية، وبقدرة العربي والفلسطيني على النهوض بكل أسباب القوة من تقانية (تكنولوجية) واقتصادية وعلمية وفكرية منفتحة مستنيرة، ومن زراعية وصناعية وعسكرية وثقافية وإعلامية…، وفي الحرب الدبلوماسية والسياسية وحرب الرواية كل متكامل. وحيث وجب استخدام هذه الوسائل أو تلك ضمن الفهم الواعي والعقل السِراطي (الاستراتيجي) الذي يراكم عوامل البناء بالايمان والمثابرة والصبر والديمومة.

إن حالة التشرذم التي نجحت أمريكا والإسرائيلي بجعلها حالة عامة (ومقبولة، ومرحّب بها!) في المنطقة العربية ثم الاسلامية، هي التي موضعت وسيّدت الإسرائيلي المحتل والمهيمن على مجمل الدائرة العربية ومن منتصفها، أي في فلسطين، وهي بذلك استطاعت أن تحقق الغَلَبة بالاتجاهات المختلفة، وتمددت بالنفوذ العلمي والتقاني والعقلي-النفسي والامني والعسكري.

ومن هنا يأتي أهمية تدميرهم لعوامل وحدوية العرب بكل أشكالها، وتفتيت بلادهم ثم أسر حكامهم بل وشعوبهم للعقلية الانبهارية الاستهلاكية النهمة ما يعني الوصول بهم لحالة الاسترخاء والاستسلام أو القنوط، فتصبح الذِلّة للمُهيمن دعوة مستجابة وسعيٌ حثيث.

لدى الأمة من العوامل النهضوية الكبرى ما لايقل عما  لدى الغرب، أو الصين او روسيا او البرازيل او غيرها من الامم، وربما اكثر، وهي بها ككل تستطيع وستكون، لأن إرادة الانسان والشعب والأمة أقوى من كل مدافع الحرب العسكرية أو النفسية- العقلية، ولكن ” وأعدوا” و”أبشروا”.

بكر أبوبكر

 2024م

 

بكر أبوبكر

كاتب وباحث عربي فلسطيني ورئيس أكاديمية فتح الفكرية، وعضو المجلس الاستشاري للحركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى